ياسمين دسوقي تكتب”: #شرف_المهنة
إستوقفتني حادثة غرق السفينة Inspecta 7 التابعة لإحدى شركات البترول بمدينة رأس غارب ، والموقف العظيم لقبطانها “يسري سلطان” رحمه الله عليه ،
الذي رفض مغادرتها حتي يتم إنقاذ طاقمها البالغ عددهم 11 شخص ، مما أدى لوفاته غرقاً مع السفينة ،
هذا وإن دل على شئ فإنه يدل على النُبل و الشهامة و إحترام شرف المهنة و الإلتزام بواجباتها و بالعرف المتبع فى عالم البحار والذي يلقي على عاتق القبطان مسؤولية تواجده على متن سفينته ، حتى يتأكد من إجلاء جميع من عليها بأمان نظراً لأن مغادرة القبطان للسفينة تعتبر آخر شئ في لائحة واجباته، وبعد ذلك ينظر إلى حق المركب في الإنقاذ حسب وضعها وحالتها ، ويحمّل الميثاق الدولي للبحرية فيما يتعلق بالسلامة في البحر، الملاح وطاقمها المسؤولية عن السفينة وعن الأشخاص المتواجدون على متنها، ولكنه لم يشترط على القبطان أن يبقى طوال الأزمة
.
ويعد موقف عدم مغادرة القبطان لسفينته من المواقف التي تكررت فى بعض حوادث السفن ،
ففى عام ١٨٥٢ غرقت السفينة البحرية البريطانية بيركنهيد ، و التي كانت تحمل قوات بريطانية ، قبالة سواحل جنوب أفريقيا، وبقي الكابتن والعديد من الجنود على متن السفينة حتى النهاية، وهلكوا في المحيط، بينما وصل الأطفال والنساء برّ الأمان، وألهمت شهامة الطاقم وقرارهم بالتضحية خبراء النقل البحري على إرساء قواعد السلوك النبيل في البحر.
وفي عام ١٩١٢ تعرضت السفينة تيتانيك للإصطدام بجبل جليدي مما أدى الى إنقسامها نصفين ومن ثم غرقها فى المحيط الأطلسي وقد رفض القبطان/ إدوارد جون سميث مغادرة السفينة و غرق مع ١٥٠٠ مسافر كانو على متنها.
وبغض النظر عن بعض الروايات التي شككت فى عدم تواجده بالسفينة وفراره منها ، إلا أن الحقيقية السائدة هي عدم مغادرته وغرقه معها، على عكس واقعة السفينة الكورية عام ٢٠١٤ ، حيث كان القبطان لي جون أول من فروا من السفينة التى كانت تحمل على متنها ٤٧٥ راكب أغلبهم من الطلبة في المدرسة الثانوية ، كانوا في رحلة طلابية من إنتشون إلى جزيرة جيجو ، وقد تسبب هذا الحادث في وفاة 287
من الطلبة، مما عرضه لإتهامات بالأهمال ومخالفة القوانين البحرية،نتيجة عدم إعطائه تعليمات بمغادرة العبارة في الوقت المناسب.
مقصد القول أن تحمل المسئولية وآداء الواجبات لآخر لحظة لكل من يتقلد منصب قيادي يعد من أولى مهمامه القيادية، لأنه حين يواجه القائد حالة فشل أو يتعثر في مسيرته نحو تحقيق الهدف تزداد المخاطر والمسؤوليات ، لذا لابد وأن يكون لديه من القدرة القيادية ما يحمله على تحمل المسؤولية عن النتائج بحكم موقعه الوظيفي ولأن المسؤلية تقع على عاتقه بشكل مباشر ، مما يحتم عليه أن يتصرف بطريقة غير قابلة للتفاوض في بعض الأحيان،و أن التنصل من المسؤولية يعد آفة وجريمة خطيرة ضارة تصيب سير العمل بالضعف والتفكك وتلحق الضرر بالعاملين .
إن الإدارة فن و قيادة وإبداع وتحمّل للمسئوليات و الأعباء مهما كانت نتائجها و على القائد إعلاء مصلحة الجميع على مصلحته الشخصية.
وهنا يجب ان نلتفت لمعايير إختيار المديرين و القادة في مختلف المؤسسات ، وما إذا كان هناك إلتزام بتطبيق تلك المعايير ، وكيف يتم قياس آدائهم،
فحال الشركة كحال السفينة يجب أن ترسو إلى بر الأمان عن طريق مسؤول واعي يحترم شرف المهنة و يتحمل كامل المسؤولية خاصةً عند حدوث الأزمات .